وإن كانت الجناية موجبة للقود؛ فاختلفوا في جواز بيعه.

منهم من قال: فيه قولان؛ كما لو كانت الجناية موجبة للمال.

ومنهم من قال: يصح قولاً واحداً؛ لأنه ليس فيه إلا استحقاق القتل؛ كبيع المرتد.

ومنهم من قال: هذا يبني على أن موجب العمد ماذا؟ وفيه قولان:

إن قلنا: موجبة القود، فيصح بيعه؛ كبيع المرتد.

وإن قلنا: موجبه أحد الأمرين: إما القود أو الدية، فعلى قولين؛ كالجناية الموجبة للمال؛ فحيث وزنا البيع فقتل في يد المشتري، فكالمرتد يقتل.

أما إذا أعتق العبد الجاني؛ نظر:

إن كان موسراً ينفذ إعتاقه، وعلى السيد الفداء.

وإن كان معسراً فلا ينفذ؛ بخلاف إعتاق المرهون؛ حيث اختلف القول فيه؛ موسراً كان أو معسراً؛ لأن في الجناية إن كان موسراً ينتقل حق المجني عليه من رقبة العبد إلى ذمة المولى؛ وهو يقدر على نقل حق المجني عليه إلى ذمته باختيار الفداء، وفي المرهون لا يقدر، وإن كان معسراً فلا ينفذ؛ لأن حق المجني عليه متعلق برقبة العبد لا غير، فلو نفذنا يقدر، وإن كان معسراً فلا ينفذ؛ لأن حق المجني عليه متعلق برقبة العبد لا غير، فلو نفذنا إعتاقه مع الإعسار بطل حق المجني عليه.

وفي الرهن حق المرتهن في ذمة الراهن؛ وهو بعد نفوذ العتق ثابت في ذمته.

ولو استولد الجارية فإن كان معسراً لا ينفذ استيلاده وإن كان موسراً ينفذ؛ كالعتق، وعلى السيد الفداء.

ولو باع عبداً وجب عليه قطع السرقة، يصح قولاً واحداً؛ وهو كعيب به، ثم إن كان المشتري عالماً، لا خيار له إذا قطعت يده.

وكذلك إذا باعه وقد وجب عليه قطع القصاص، وجوزنا البيع، فإن كان جاهلاً ولم يعلم؛ حتى قبضه وقطعت يده في يد المشتري - فالقطع من ضمان من يكون؟ فيه وجهان:

أصحهما - وبه قال أبو حنيفة -: من ضمان البائع؛ لأن السبب وجد في يده؛ فعلى هذا له الرد.

والثاني- وبه قال ابن سريج، وهو قول أبي يوسف، ومحمد -: يكون من ضمان المشتري، فلا رد له، بليرجع بما بين قيمته سارقاً وغير سارق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015