كاليوم في الخير والشر، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً. (م) عن أنس (صح) ".

(عرضت علي الجنة والنار آنفاً) بالمد أي الآن. (في عُرض هذا الحائط) بضم المهملة جانبه أو وسطه. (فلم أرى كاليوم) صفة لمحذوف أي لم أر يوما كاليوم أو مر بنا، وفيه تنويه شأنه وتهويل لأمره. (في الخير والشر) لف ونشر. (ولو تعلمون ما أعلم) من شدة عقاب الله للعصاة. (لضحكتم قليلاً) يحتمل أنه أريد بالقلة العدم وهو استعمال شائع، أو المراد التعليل حقيقة فإنه إذا علموا ما عند الله من سعة الرحمة والعفو ضحكوا وإن علموا ما عنده من شدة العذاب والبطش وعلموا تقصيرهم فيما يأتونه لكان البكاء أكثر كما قال. (ولبكيتم كثيراً) لغلبة سلطان الوجل على القلوب.

واعلم: أن هذا الإخبار منه - صلى الله عليه وسلم - برؤيته الجنة والنار في عرض الحائط جعله الغزالي من أمثلة الحسي حيث قسم الموجودات إلى خمس مراتب في كتابه المنقذ من الضلال قال: وأما الوجود الحسي فهو ما يتمثل في القوة الباصرة من العين مما لا وجود له خارج العين فيكون موجودا في الحس ويختص به الحاس ولا يشاركه غيره وذلك كما يشاهد النائم بل كما يشاهده المريض المستيقظ إذ قد تتمثل له صورة لا وجود لها خارج حسه بل قد يتمثل للأنبياء والأولياء في اليقظة والصحة صورة جميلة محاكية لجواهر الملائكة وينتهي إليهم الوحي والإلهام بواسطتهما فيتلقون من أمر الغيب في اليقظة ما يتلقاه غيرهم في النوم، ثم قال: ومن أمثلة ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "عرضت علي الجنة في عرض هذا الحائط ... " الخبر. فمن قام عنده البرهان على أن الأجسام لا تتداخل وأن الصغير لا يتسع للكبير حمل ذلك على أن نفس الجنة لا ينقل إلى الحائط لكن يمثل له الجنة وصورتها في الحائط حتى كأنه شاهدها كما شاهد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015