كرر السؤال والجواب ثلاثًا، وقال صلى الله عليه وسلم: على رغم أنف أبي ذر، ونسبها في "تيسير الأصول" (?) إلى الشيخين، وكأنه ورد الحديث بهذا اللفظ الذي في الجامع، وأنه أخبره جبريل أولاً فسأله كما سأله أبو ذر، وأجابه بما أجاب به صلى الله عليه وسلم أبا ذر فروى أبو ذر القصتين، قال التاج السبكي (?) في طبقاته: ولقد تأملت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وإن سرق وإن زنى"، وجمعه بين الزنا والسرقة، دون سائر المعاصي، فوقع لي أن الإشارة إلى أنه يتجاوز عن المعاصي المتعلقة بحق الله تعالى بعد الكفر كالزنا والمتعلقة بحق المخلوقين كالسرقة، فجمع من أوتي جوامع الكلم بين حق الله وحق المخلوقين يشير إلى أن دخول الجنة لا يتوقف على شيء منها انتهى.
قلت: وأما ما ثبت أن الذنوب ثلاثة، ذنب لا يتركه الله، وهو حقوق المخلوقين، وحديث "الدواوين ثلاثة" (?)، فلا تنافى هذا لأنه تعالى يرضى صاحب السرقة في الآخرة من فضله، ما يغنيه عن سرقته وعن مطالبة من سرقه كما يأتي أحاديث تعضد هذا، وأن المسروق عليه العفو عمّن سرق ويحتمل أن المراد به دخول من مات غير مشرك الجنة بعد العقاب على الذنوب وإن كان يبعده قول جبريل نعم فإنه صلى الله عليه وسلم قد علم أنه يدخل الجنة من مات غير مشرك، ولو بعد الخروج من النار إلا أن يقال: أنه صلى الله عليه وسلم ما كان قد علم ذلك إلا بعد ورود هذا الحديث، وإلا فإنه كان الحكم عنده أنه من مات على معصية فلا يدخل الجنة