وتجدون شر الناس يوم القيامة عند الله ذا الوجهين: الذي يأتي هؤلاء بوجه، ويأتي هؤلاء بوجه". (حم ق) عن أبي هريرة (صح).

(تجدون الناس معادن) أي أصولاً مختلفة كاختلاف المعادن فيها الذهب والفضة والنحاس ونحوها قال الرافعي: وجه الشبه أن اختلاف الناس في الطبائع كاختلاف المعادن في الجواهر وأن رسوخ الاختلاف في النفوس كرسوخ عروق المعادن فيها وأن المعادن كما أن منها ما لا تتغير صفته فكذا صفة الشرف لا تتغير ثم بين أفضلهم حالاً وصفه بقوله: (فخيارهم في الجاهلية) أي الذين عرفوا في الجاهلية بالمروءة والوفاء والصدق وحسن الجوار والصحبة وسخو النفس ونحوها من صفات الخير هم: (خيارهم في الإِسلام) فإنه ينضاف الكمال الإِسلامي إلى الكمالات الأصلية فيكون خيراً إلى خير وقيد ذلك بقوله: (إذا فقهوا) بضم القاف أي صاروا فقهاء فإنه يتم لهم الخير فإن شرف الإِسلام لا يتم إلا بالفقه في الدين (وتجدون) من خير الناس قال الطيبي: هو ثاني مفعولي تجدون الأول أشدهم كراهية ولما قدم المفعول الثاني أضمر في الأول الراجع إليه كقولك على التمرة مثلها زبدا ويجوز أن الأول من خير الناس على جواز زيادة من في الإثبات. (في هذا الشأن) أي الإِسلام وقيل الخلافة والإمارة. (أشدهم له كراهية قبل أن يقع فيه) فإذا وقع فيه قام به حق القيام ووقر في قلبه كما كان ذلك من مثل عمر وأضرابه ممن كان يكره الإِسلام فلما دخل فيه كان من خير الناس فيه. (وتجدون شر الناس يوم القيامة عند الله) أوضعهم منزلة وأبعدهم من كرامته. (ذا الوجهين) بينه بقوله: (الذي يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه) جعل تلونه في الصفة كتلونه في الذات قال العراقي: إنما كان شر الناس لأن حاله حال المنافقين إذ هو يتخلق بالباطل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015