"وستفترق" فهي دالة على أنه افتراق مستقبل ولا يريد إلا فرق أهل الإِسلام إذا افترق أمة الكفر ليس في الإخبار عنها فائدة، وقال ابن حزم: أن هذه الزيادة أعني قوله كلها هالكة زيادة باطلة موضوعة وإنما المعروف في الحديث: أنها تفترق إلى نيف وسبعين فرقة لا زيادة على هذا في نقل الميقات ذكره عنه السيد الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير رحمه الله وكنا سئلناه قديمًا عن هذا الإشكال وكتبنا رسالة في ذلك وبينا زوال الإشكال بوجوه أحدها: أنه لا يرد الإشكال إلا إذا كانت القضية دائمة ولا دليل على ذلك بل هي حينية بمعنى أن ثبوت الافتراق للأمة وهلاك من يهلك منها ثابت في حين من الأحيان وزمن من الأزمان كما يرشد إلى ذلك وجوه:
أحدها: قوله: "وستفترق" في رواية الدال على استقبال ذلك.
الثاني: قوله في حديث ابن عمرو عند الترمذي (?): "ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل" الحديث. وقد ذكر افتراقها وهو إخبار عن مستقبل.
الثالث: قوله في بعض رواياته: "ما أنا عليه وأصحابي" فإن أصحابه من مسمى أمته بلا خلاف وقد حكم عليهم بأنهم أمة واحدة وأنهم الناجون، وأن من كان على ما هم عليه فهو الناجي، فلو جعلنا القضية دائمة من زمن التكلم بها للزم أن تكون تلك الفرق في الصحابة وهلم جرا، والحديث نفسه صريح في خلاف ذلك فظهر أن الافتراق كائن في زمن من الأزمنة وحين من الأحيان ولا يبعد أنه في آخر الزمان الذي وردت الأحاديث بالإخبار عن فساده وفشو الباطل وجفاء الحق وأن القابض على دينه كالقابض على الجمر وأنه يصبح فيه الرجل