في (تاريخ بغداد) 13 / 371 من طريق الحارث بن عمير قال: قال «سمعت أبا حنيفة يقول ... ، قال الحارث بم عمير وسمعته يقول: لوأن شاهدين شهدا عند قاض أن فلان بن فلان طلق امرأته وعلما جميعاً أنهما شهدا بالزور ففرق القاضي بينهما، ثم لقيها أحد الشاهدين فله أن يتزوج بها؟ قال: نعم. قال: ثم علم القاضي بعد أله أن يفرق بينهما؟ قال: لا» .
قال الأستاذ ص 37: «مسألة نفاذ حكم القاضي ظاهراً وباطناً هو مقتضى الأدلة وإن كان شاهد الزور يأثم إثماً عظيماً لكن لا يحول ذلك دون نفاذ حكم القاضي ظاهراً أو باطناً وإلا لزم إباحة وطئها للزوج الأول في السر فيما بينه وبين الله وإباحة وطئها للزوج الجديد بحكم الحاكم، وأي قول يكون أقبح وأشنع من هذا؟ يكون لامرأة احدة زوجان في حالة واحدة أحدهما يجامعها في السر والآخر في العلانية، ونعترف أن أبا حنيفة لا يمكنه أن يرى مثل هذا الرأي رغم مل تشنيع، بل يرتد على مخالفيه ومشنعيه كما صورناه، وأبو حنيفة من أبرأ الناس من أن يحدث الفوضى في الأحكام، وأما عدم تفريق القاضي بينهما بعد علمه بحال الشاهدين فليس من مسائل أبي حنيفة وإنما مذهبه التروي في الحكم مطلقاً» .
أقول: يتفوه الأستاذ بالقبح والشناعة وينسى ما في صنيعه هذا منهما، أما إباحتها لزوجها الحقيقي فذلك حكم الله تبارك وتعالى من فوق سبع سموات! وأما إباحتها لذلك الشاهد الفاجر فإنما يقول بها أبو حنيفة، فأما مخالفوه ومنهم أصحابه أبو يوسف ومحمد وزفر فإنهم قائلون بحرمتها عليه أشد التحريم.