حكاه ابن عبد البر، ويلقب ابن تيمية بالحشوي، ويسمي المؤولين والمعطلين بأهل السنة؟ ويقول عن ابن تيمية: لا يعد هذا الحشوي من صغار تلامذتهم، كا تراه في مقدمة تبيين كذب المفتري. وتلقيب شيخ الإسلام بالحشوي من الحشو الذي لم يقع له نظير، ومن التقليد المميت للعقل والشعور، بل من التعصب الشنيع الذي لا يرضاه لنفسه إلا ورثة اليهود البهت، فإن هذا الإمام جمع في كتابه بين العقل والنقل جمعاً كم فيه أفواه جميع أهل الابتداع والأهواء، وهذا الخوض بالباطل لا يضر شيخ الإسلام ولا يزيد مريديه إلا بصيرة في دينهم ورسوخاً، ويأبى الله للحق إلا أن يظهر، وللباطل إلا أن يذل ويقهر، وها هي ذي كتب شيخ الإسلام تطبع وتنشر، وتطرد بدورها ظلام الشكوك والأوهام "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ".
لو كان هذا الرجل- الكوثري- ممن يتقي الله ويبالي خزي الدنيا ويوم الحساب، لما رضي لنفسه هذا الموقف الشاذ الذي وقفه من حملة القرآن، ودعاة السنة وحماتها، ولما استباح لنفسه الكذب في التاريخ والتجني على أئمة الدين، ومفاخر المسلمين في كل العصور.
لا أطيل القول عليك أيها القارىء الكريم، وإنما أنقل لك جملة مما قال في كتابه الأخير الذي سماه "الإشفاق على أحكام الطلاق" كانه أشفق على المسلمن من أن يعودوا إلى عهد الطلاق الشرعي في الإسلام وأراد أن تستمر هذه الفوضى في البيوت، وتبقى نصوص القرآن محجوبة عن المسلمين- فقد عرض في كتابه هذا لنابغة الإسلام الإمام ابن تيمية كدأبه في عامة ما يكتب، ولكن هذه الكتابة من أفضح ما كتب وأخزاه، قال هداه الله (ص 73) . ولولا شدة ابن تيمية في رده على ابن المطهر في منهاجه، إلى أن بلغ به الأمر أن يتعرض لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه على الوجه الذي تراه في أوائل الجزء الثالث منه، بطريق يأباه كثير من أقحاح الخوارج مع توهين الأحاديث الجيدة في هذا السبيل- لما قامت دولة الغلاة من الشيعة في بلاد الفرس والعراق وشرقي الأسيا (كذا) الصغرى وأذربيجان من عهد الملك المغولي خدابنده.