45 - وحدثني عن مالك، أنه بلغه: أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عماله: أن يضعوا الجزية عمن أسلم من أهل الجزية حين يسلمون.
قال مالك: مضت السنة أن لا جزية على نساء أهل الكتاب ولا على صبيانهم، وأن الجزية لا تؤخذ إلا من الرجال الذين قد بلغوا الحلم، وليس على أهل الذمة ولا على المجوس في نخيلهم ولا كرومهم ولا زروعهم ولا مواشيهم صدقة؛ لأن الصدقة إنما وضعت على المسلمين تطهيرًا لهم وردًا على فقرائهم، ووضعت الجزية على أهل الكتاب؛ صغارًا لهم، فهم ما كانوا ببلدهم الذين صالحوا عليه، ليس عليهم شيء سوى الجزية في شيء من أموالهم، إلا أن يتجروا في بلاد المسلمين، ويختلفوا فيها، فيؤخذ منهم العشر فيما يديرون من التجارات؛ وذلك أنهم إنما وضعت عليهم الجزية وصالحوا عليها على أن يقروا ببلادهم، ويقاتل عنهم عدوهم، فمن خرج منهم من بلاده إلى غيرها يتجر إليها فعليه العشر (?)، من تجر منهم من أهل مصر إلى الشام، ومن أهل الشام إلى العراق، ومن أهل العراق إلى المدينة، أو اليمن، أو ما أشبه هذا من البلاد، فعليه العشر. ولا صدقة على أهل الكتاب ولا المجوس في شيء من أموالهم ولا من مواشيهم ولا ثمارهم ولا زروعهم، مضت بذلك السنة، ويقرون على دينهم ويكونون على ما كانوا عليه، وإن اختلفوا في العام الواحد مرارًا في بلاد المسلمين فعليهم كلما اختلفوا العشر؛ لأن ذلك ليس مما صالحوا عليه ولا مما شرط لهم. وهذا الذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا (?).