من المسلمين خيراً، ثم قال لهم: (اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً، وإذا لقيت عدوك من المشركين، فادعهم إلى ثلاث خصال -أو خلال- فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم، وكُفَّ عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، فإنْ أجابوك فاقبل منهم وكُفَّ عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إنْ فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين، فإنْ أبوا أنْ يتحولوا منها، فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أنْ يجاهدوا مع المسلمين، فإنْ هم أبوا فسلهم الجزية، فإنْ هم أجابوك فاقبل منهم وكُفَّ عنهم، فإنْ هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم .. ) (?).
ولقد أمَر النبي - صلى الله عليه وسلم - جيوشه ألا يتعرضوا لمسالم، أو عسيف -وهو الأجير-، وألا يقتلوا امرأة أو طفلاً أو شيخاً كبيراً أو عابداً. ولذا لما رأى امرأة مقتولة في بعض مغازيه أنكر وغضب.
ونهى عن التحريق بالنّار، وقال: (لا يعذِّب بالنّار إلا ربُّ النّار) (?)، بل غضب في إحدى مغازيه لما أخذ أحدُ الصحابة مِن عشِّ حمَّرةٍ بيضَها (?).
وكان يوجب الكف عمن يظهر إسلامه، ولو كان نطقه للشهادتين -في أغلب الظن- تحرزاً من السيف وقد علاه، كما في قصة أسامةَ؛ حبِّه وابنِ حبِّه، حين كان يردد عليه: (أقتلته بعد أنْ قال لا إله إلا الله) (?).
وبهذا العرض يتبين فرق ما بين الأخلاق الجهادية في الإسلام، وما في العهد القديم.