وعلى هذا سار الفهم الإسلامي. يقول شيخ الإسلام: «ما عُلم بصريح العقل لا يُتصور أن يعارضه الشرع البتة، بل المنقول الصحيح لا يُعارضه معقول صريح قط.

وقد تأملتُ ذلك في عامة ما تنازع الناس فيه، فوجدتُ ما خالف النصوص الصحيحة الصريحة شبهاتٌ فاسدةٌ يُعلم بالعقل بطلانها، بل يُعلم بالعقل ثبوت نقيضها الموافق للشرع ..

ووجدتُ ما يُعلم بصريح العقل لم يخالفه سمع قط، بل السمع الذي يقال إنه يخالفه: إما حديث موضوع، أو دلالة ضعيفة، فلا يَصلح أن يكون دليلاً لو تجرد عن معارضة العقل الصريح، فكيف إذا خالفه صريح المعقول؟

ونحن نعلم أنَّ الرسل لا يخبرون بمحالات العقول بل بمحارات العقول، فلا يخبرون بما يعلم العقل انتفاءه، بل يخبرون بما يعجز العقل عن معرفته» (?).

الأمر الرابع: متى حمل الإنسان حقداً على صاحب رسالة فإنه يعاديه، ويحسده حسداً يحمله على تقبيح الحسن الذي يأتي منه، ولا يَسلم من ذلك إلا من تحلّى بخُلق الإنصاف. والإنصاف عزيز.

وقد ثبت حسدُ أهل الكتاب لأهل الإسلام: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} (?).

إنَّ الموقف العدائي لكثير من النّصارى من الإسلام ونبيه؛ حملهم على مجانبة المنهج المنصف في النظر إلى الأشياء والمبادئ والأشخاص المخالفة في المعتقد.

وقد كان السّلف لا يأخذون بأقوال الأقران بعضهم في بعض؛ والجميع في دائرة المؤمنين، تحرزاً من غلبة الحسد الذي يُعمي عن رؤية سبيل الإنصاف والعدل (?)، فكيف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015