التّكاليف من غير ضجر أو تعنت.
وفي الذي حدث إظهارٌ لمرونة الشريعة الإسلامية في فتح باب الاجتهاد لاختيار ما يحقق المصالح ويدفع المفاسد، ضمن إطار الدّين.
وفيه بيان فضل الصّحابة حين قاموا بالاجتهاد في الوقائع التي ليس فيها نصّ، وحُقَّ لهم هذا الاجتهاد لأنّهم تلقّوا عن الرسول الكتاب والسّنّة، وصاحبوه، وشاهدوا أسباب نزول الآيات وورود السّنن، وكانوا موضع ثقته (?).
فإذا جاء من يطعن في إجماع تلاميذ النبي - صلى الله عليه وسلم - في اختيار وجه للقراءة من عدّة أوجهٍ جائزة؛ قيل له: بأي منهج ترد هذا وأنت تقبل مخالفة "بولس" -الذي لم ير المسيح- لتلاميذ المسيح في أغلب الأمور العقديّة والتّشريعيّة؟!
وبأي منهج تقبل ما سارت عليه المجامع النصرانيّة من تقريرٍ للعقائد والشّعائر والطّقوس والأسفار التي كوّنت الكتاب المقدّس؟!
إنّ من يورِد هذا الطّعن يُثْبِتُ في مقابِله -من حيث لا يشعر- صحّة النصّ القرآني بالحرف الذي ارتضاه الصّحابة وأجمعوا عليه.
بقي أنْ نشير هنا إلى أنّ الصحابة قد هابوا الإقدام على جمع القرآن في مصحف واحد (?). ومَنْ هذا صنيعهم؛ هل يَتصور أحدٌ أنْ يكون منهم جرأة على محتوى النص؟!
الأمر الثاني: جمع القرآن على عهد عثمان - رضي الله عنه - هي إحدى مناقبه - رضي الله عنه - وأرضاه، وكان القرآن قد جمع على عهد أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - بالأحرف السبعة، ثم لما كان الخلاف الذي سبق ذكره رأى عثمان - رضي الله عنه - وأد هذه الفتنة فأمر «أنْ يوحد القرآن على حرف واحد، ألا وهو حرف قريش أي لغة قريش، فجَمع القرآن على حرف واحد على لغة قريش -وهو