وهذا الفهم متهالك، فإنَّ المعنى المراد بعيدٌ عن هذا الفهم السقيم.

ومعنى الآية أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أولى بالمؤمنين من أنفسهم في نفوذ حكمه فيهم، ووجوب طاعته عليهم، فلو دعاهم لشيء ودعتهم أنفسهم إلى شيء كانت طاعة النّبي أولى بهم من طاعة أنفسهم.

وقيل: أولى بهم من أنفسهم فيما قضى فيهم، وأولى بهم في الحمل على الجهاد وبذل النّفس فيه، فإن أَذِن لهم بذلك لم يجز لهم الاستئذان من آبائهم وأمهاتهم (?).

وقد يستدلون على هذا الفهم بقوله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} (?).

وليس في الآية ما يدل على مرادهم، فإنّ معنى الآية أنّ الله تعالى أباح لنبيه - صلى الله عليه وسلم - المرأةَ المؤمنة إن وهبت نفسها له أن يتزوجها بغير مهر إذا شاء. ومع كثرة من وهبن أنفسهن له -عليه الصلاة والسلام- إلا أنَّه لم يختر قبول أي منهن، كما ورد ذلك عن ابن عبّاس - رضي الله عنه - (?). وقد أوجب الله على المؤمنين الاقتصار في الزوجات على أربع مع اشتراط الولي والمهر والشهود، ورخّص لنبيه - صلى الله عليه وسلم - في هذه الأمور الأربعة (?).

ثمّ يُقال لهؤلاء هاتوا مثالاً واحداً صحيحاً لامرأة متزوجة أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - زوجها بفراقها، ثمّ تزوّج بها. وهاتوا مثالاً صحيحاً واحداً لامرأة وهبت نفسها للنبيّ فتزوجها، مع إباحة هذا له.

إنّ الإسلام لحرصه على تآلف القلوب وتآخيها؛ حثّ على كل ما يقرب من ذلك، وحرّم كل ما ينافيه، ومن ذلك تحريم خِطبة المرء على خِطبة أخيه. فكيف يُتصور من نبي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015