المجاشعي1 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته: "ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا، كل مال نحلته2 عبداً حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً ... " 3.
وقوله تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} 4.
فإذا كان هذا في حق سائر الخليقة، فكيف يكون إبراهيم الخليل الذي جعله الله أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يكن من المشركين ناظراً في هذا المقام؟ بل هو أولى الناس بالفطرة السليمة، والسجية المستقيمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا شك ولا ريب5.
وذهب آخرون إلى حمل قول إبراهيم في هذه الآيات على أول أحوال تكليفه في مهلة النظر، التي لا حرج على من أخطأ فيها –كما يزعمون-، وأنه تحير في ربه من هو؟ ورأى أشرف الجهات جهة السماء العلوية،