والمخالفة مرتبة على طبائعها المزعومة، ثم على تقسيم الأيام والليالي والساعات عليها، فعملوا الخواتيم، وتعلموا العزائم، وتضرعوا إليها بالدخن وتقريب القرابين ثم عينوا لكل هيكل يوماً، وراعوا فيه ساعاته الأولى، وتختموا بخاتمة المعمول على صورته، ولبسوا اللباس الخاص به، وتبخروا ببخوره، ودعوا بدعواته ... وهكذا.
وكانوا يتقربون إلى الهياكل تقرباً إلى الروحانيات، ويتقربون إلى الروحانيات تقرباً إلى الباري تعالى، وهؤلاء يسمون أصحاب الهياكل1.
فلما كانت هذه الكواكب يختفي أكثرها في النهار وفي بعض الليالي لما يعرض في الجو من الغيوم والضباب ونحو ذلك رأوا أن ينصبوا لهذه الكواكب أصناماً وتماثيل على هيئة الكواكب السبعة حينما تصدر أفعالها عنها –كما يزعمون- كل تماثيل يقابل هيكلاً، فكانوا يتقربون إلى هذه التماثيل في الساعات المحمودة للكواكب عندهم، فيلبسون لباسه، ويتختمون بخاتمه، ويتبخرون ببخوره الخاص به، ويتضرعون بالدعاء عندها، ويسألون حاجاتهم منها.
واعتقدوا أن التقرب إلى هذه الأصنام هو الوسيلة إلى الهياكل التي هي الوسيلة إلى الروحانيات، التي هي وسيلة إلى الله تعالى. وهؤلاء يسمون أصحاب الأشخاص2.
لذلك أبطل الخليل عليه السلام مذاهب هؤلاء، أصحاب الهياكل وأصحاب الأشخاص بما قص الله تعالى عنه3.