6- ومن ذلك اتفاقهم سنة اثنتين وتسعين ومائتين في قصة القرامطة على أن المكتفي بالله1 إن خرج لمقاتلتهم كان هو المغلوب الملزوم، وكان المسلمون قد لقوا منهم على توالي الأيام شراًّ عظيماً، وخطباً جسيماً، من ذلك أنهم قتلوا النساء والأطفال، واستباحوا الحريم والأموال، وهدموا المساجد، وربطوا فيها خيولهم ودوابهم، وقصدوا وفد الله وزوار بيته فأوقعوا فيهم القتل الذريع، والفعل الشنيع، وأباحوا محارم الله، فعزم المكتفي على الخروج إليهم بنفسه، فاجتمع المنجمون، وأشاروا على الخليفة أن لا يخرج فإنه إن خرج لم يرجع، وبخروجه تزول دولته، وبهذا تشهد النجوم التي يقضي بها طالع مولده، فخالفهم المكتفي بالله وخرج وأقام بالرقة حتى أخذ أعداء الله جميعاً، وسيقت جموعهم بالسيف2.
7- ومن ذلك النكبات التي حلت بمن تقيد بهذا العلم في أفعاله وأسفاره، وغير ذلك من أحواله، وهي عبر يكفي العاقل بعضها في تكذيب هؤلاء القوم، ولا يكاد يعرف أحد تقيد بالنجوم في ما يأتيه ويذوره إلا نكب أقبح نكبة وأشنعها، مقابلة له بنقيض قصده، فمن ذلك:
حال أبي علي بن مقلة الوزير3، وتعظيمه لأحكام النجوم، ومراعاته