في صفحة 138 ذكر المؤلِّف قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: "اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم"، ثم فسر المغرم في الحاشية بأن المرادَ به الذنوب والمعاصي.
وأقول هذا قول ضعيف جدًّا، ذكَرَه ابن الأثير في "النهاية"، وتبعه ابن منظور في "لسان العرب"، ولم يعرج على ذلك غيرهما من أئمة اللغة فيما علمت، ولم يعرِّج عليه أيضًا ابن الأثير في "جامع الأصول"، وعلى هذا القول الضعيف يكون معنى المأثم والمغرم واحدًا، ولا يكون للعطف فائدة، ومن المعلوم أن العطفَ يقتضي المغايرة، والصَّحيحُ أن المراد بالمغرم ها هنا الغرم وهو الدين، قال الجوهري: الغرامة ما يلزم أداؤه، وكذلك المغرم والغرم.
وقال ابن الأثير في "جامع الأصول": المغرم بأن يلتزم الإنسان ما ليس عليه، كمَن يَتَكَفَّل إنسانًا بدين فيزنه عنه، وقال الراغب الأصفهاني: الغرم ما ينوب الإنسان في ماله من ضَرر لغير جناية، يقال: غرم كذا غرمًا ومغرمًا، وقال النووي في شرح مسلم: المغرم معناه: الغرم، وهو الدَّين.
وقال ابن حجر في "فتح الباري": المغرم الدَّين، يقال: غرِم - بكسر الراء - أي: ادَّان ... قال: وقد استعاذ - صلى الله عليه وسلم - من غلبة الدين، قلتُ: وفي الحديث الذي ساق الشيخ الألباني بعضه ما يُبَيِّن أن المراد بالمغرم الدين، ففي الصحيحين، وسنني أبي داود والنسائي عن عائشة