فالجواب أن يقال: ليس هذا مما نحن فيه، فإن هذه الجلسة تسمى جلسة الاستراحة، ومن اعتمد على الأرض إذا أراد أن يقوم من هذه الجلسة فإنما يعتمد بيديه، وهما بحذاء جنبه لا من أمامه، فلا يكون متشبهًا بالبعير حال قيامه.
قال العيني في شرح البخاري: فيه بيان الكيفية بأن يجلس أولاً ثم يعتمد ثم يقوم، قال الفقهاء يعتمد كما يعتمد العاجن للخمير.
قلت: وهذا يفعله من تشق عليه المبادرة بالقيام كالشيوخ، ومن به علة ونحوهم، وقد رُوِيَ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك لما بدن - أي: أخذه اللحم.
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" لما ذكر قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تبادروني بالقيام، فإني قد بدنت))، قال: فدل على أنه يفعلها لهذا السبب، فلا تشرع إلا في حق من اتفق له نحو ذلك، انتهى.
ومما ذكرنا يعلم أن الاعتماد المنهي عنه في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - هو ما كان فيه تشبه بالبعير عند بروكه وعند قيامه، وما جاء في حديث مالك بن الحويرث - رضي الله عنه - فهو أن يعتمد بيديه على الأرض، وهما بحذاء جنبيه لا من أمامه، وهذا الاعتماد نوع وما في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - نوع آخر، فلا تعارض حينئذ بين الحديثين، والله أعلم.