بلده للمناظرة عليه في "المدونة" وهو ابن اثنين وثلاثين عاماً أو نحوها (?). ولأمر ما أجمع أهل سبتة ابتداراً منهم على هذا الطلب لتدريس "المدونة" دون غيرها مما يتقنه القاضي عياض، وسبتة يومئذٍ فيها من فطاحل "المدونة" غير قليل كما سبق ذكره. وقد صرح تلميذه ابن حمادة بهذا وقال: أجلسه أصحابنا للمناظرة، إذ لم يجدوا من جلوسه محيصاً (?). وقد نوه به أبو الحسن الرجراجي في "مناهج التحصيل" غير مرة، وكان يحليه ببعض حذاق المتأخرين.

ثالثاً: ثقافة القاضي عياض اللغوية:

يقول المترجمون للقاضي عياض: إنه كان حافظاً للغة والأغربة والشعر والمثل، نحوياً ريان من الأدب، شاعراً مجيداً يتصرف في نظمه أحسن تصرف، ويستعمل في شعره الغرائب من صناعة الشعر، خطيباً فصيحاً حسن الإيراد، لا يخطب إلا بما يصنع، خطبته فصيحة ذات رونق، عذبة الألفاظ سهلة المأخذ (?). لكن كثيراً من شعره ضاع (?). أما نثره وخطبه فأكثر من شعره، وتخطى قدر منها حواجز الزمن حتى بلغنا (?).

ونذكر هنا هذه القطعة الشعرية لدلالاتها المتعددة، وأهم الدلالات مكانته الأدبية المتجلية في مخاطباته لكبار أدباء عصره وبزه إياهم (?):

قل للأماجد والحديثُ شجون ... ما ضرَّ إن شاب الوقارَ مجون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015