- صلى الله عليه وسلم -: "لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة". ثم قال ابن عبد البر: "كأن هذا الحديث غير حديث أبي النضر". قلت: كذلك هو ولابد وحديث مالك عن أبي النضر قصة مباينة 1 لهذا الحديث المرفوع، فلا يعترض به عليها، ويجعلا واحدا. وأما عدم لقاء عبيد الله بن عبد الله الصحابيين، فهو كما ذكر في سهل بن حنيف إذ لو أدركه عبيد الله لسمع من علي - رضي الله عنه - وأمثاله 2، وقد حكموا على روايته عن علي بالإرسال، ولكن رواية مالك وقع فيها وهم في تسمية سهل بن حنيف إما من سالم أبي النضر، أومن الإمام مالك، وهو الظاهر، لأن النسائي روى هذه القصة في سننه الكبرى 3, قال: أنا محمد بن وهب، ثنا محمد بن سلمة، ثنا ابن إسحاق، عن 4 سالم أبي النضر، عن عبيد الله بن عبد الله قال: "دخلت أنا وعثمان بن حنيف نعود أبا طلحة في بيته فدخلنا عليه وتحته بسط فيها صور, فقال لغلامه: أردت أن تحول هذا من تحتي. فقال له عثمان: "أو ما سمعت يا أبا طلحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين نهى عن الصور. يقول: "إلا رقما في ثوب، أو ثوبا فيه رقم؟ قال: بلى, ولكنه أطيب لنفسي أن أنزعه من تحتي ".

فهذا هو الصواب - إن شاء الله تعالى- وإن كان الإمام مالك أحفظ من ابن إسحاق وأتقى ولكن الغلط قلّ أن يسلم منه أحد، ويتأيد ذلك بأن سالما أبا النضر ثقة، متفق عليه، وعبيد الله بن عبد الله أحد الفقهاء السبعة، متفق على جلالته والاحتجاج به، وقد صرح بحضور هذه القصة، ولا يحتمل سنه أن يكون ذلك مع سهل بن حنيف، فيتعين - كما قال ابن عدي - قول ابن إسحاق، وأنه عثمان بن حنيف 5.

وقد ذكر ابن عبد البر في الاستيعاب أن عثمان بن حنيف بقي إلى زمن معاوية - رضي الله عنهما -. وحينئذ يصح (إدراك) عبيد الله له وأما أبو طلحة - رضي الله عنه -، فالقول بأنه مات سنة (أربع وثلاثين، أو ما يقاربها) ، لا يعتد به، لما روى أبو زرعة الدمشقي الحافظ عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس - رضي الله عنه -: "أنّ أبا طلحة - رضي الله عنه - سرد الصوم بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعين سنة" 6. وهذا إسناد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015