حاتم - رضي الله عنه - قال: "سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن (الصوم) 1 قال: "حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود" , قال: "فأخذت عقالين، أحدهما أبيض، والآخر أسود، فجعلت أنظر إليهما، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما هو الليل والنهار". وقال فيه الترمذي: "حديث حسن" 2. فهذه الروايات الثلاث، فيها تقييد ذلك بنزول الآية، وهذا هو الصحيح، ومقتضى الرواية الأولى المتفق عليها، أن ذلك كان عند نزول الآية، وهو مشكل، لأن قدوم عدي- رضي الله عنه- وإسلامه كان بالاتفاق، في شهر شعبان من سنة سبع 3، ونزول الآية كان في أوّل الإسلام قبل 4 ذلك بزمن طويل، فإن الاتفاق على أن هذه الآية نزلت ناسخة لما كان عليه الصحابة في أوّل فرض الصوم، من تحريم الأكل والجماع على الإنسان بعد ما ينام 5، إلى أن اتفقت قصة عمر- رضي الله عنه - وقيس بن صرمة - رضي الله عنه - ونزل قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ... } 6 الآية. قال السدي وأبو العالية والربيع بن أنس: "كان ذلك في أوّل الإسلام، ثم نسخه الله تعالى" 7، ومعلوم أن فرض رمضان كان في سنة اثنتين من الهجرة 8، فيكون نزول هذه الآية 9 إما في تلك السنة، أو في سنة ثلاث، ولم ينقل أحد أن هذا الحكم تمادى إلى سنة سبع، بعد إسلام عدي بن حاتم - رضي الله عنه - وفي صحيح البخاري 10، من طريق أبي إسحاق السبيعي، سمعت البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: "لما نزل صوم رمضان، كانوا لا يقربون النساء، رمضان كله، وكان رجال يخونون أنفسهم، فأنزل الله تعالى: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ ... } 11 الآية. ففي هذه الرواية – أيضا - إشعار بأن ذلك كان في أوّل - الإسلام - 12. فالذي يظهر أن عديّا - رضي الله عنه- لما سمع