وعلي رضي الله عنهم بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر وعمر رضى الله عنهما، أيهما أفضل، فقدم قوم عثمان وسكتوا، وقدم قوم عليا وتوقفوا، لكن استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان ثم علي، وإن كانت هذه المسألة- مسألة عثمان وعلى - ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة، لكن التي يضلل فيها مسألة الخلافة، وذلك أنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال يوم غدير خم: «أذكركم الله في أهل بيتي» وقال أيضا للعباس عمه، وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم، فقال: «والذي نفسي بيده، لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي» ويتولون أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة خصوصًا خديجة أم أكثر أولاده وأول من آمن به وعاضده على أمره وكان لها منه المنزلة الطيبة. والصديقة بنت الصديق التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم-: «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام» ويتبرءون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم، وطريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل ويمسكون عما شجر بين الصحابة ويقولون: إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذب، ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذرون، إما مجتهدون مصيبون وإما مجتهدون مخطئون، وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره، بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر، حتى أنه يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم؛ لأن لهم من الحسنات التي تمحوا السيئات ما ليس لمن بعدهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015