الأصم العادي رأى في منامه أن وفد عاد إلى الحرم فهلكوا فبلغ ذلك الخلجان فقال:
أفي كل عام بدعة تحدثونها ... ورؤيا على غير الطريق تعبر
فان لعاد سنة يحفظونها ... سنحيا عليها ما حبينا ونقبر
وإنا لنخزى من أمور تسبنا ... بها جرهم فيمن يسب وحمير
وأخبار حمير وكهلان أخبار قديمة سلفت كثيرا من الأمم الماضية، وتقادم بها الدهر، وترادفت عليها الألوف من السنين، وقال الناس في ذلك فأكثروا وإنما يرجع في أكثر ذلك إلى عبيد بن شرية الجرهميّ، ورواة أهل الحيرة وغيرهم والكلام بين اليمانية والنزارية يكثر والخطوب تطول، وهو باب كبير، والكلام فيه كثير. ومن ضمن الاختصار، لم يجز له الإكثار. وقد بسطنا الكلام فيه وأتينا على أكثر ما قيل في ذلك، وحجاج الفريقين، وافتخار بعضهم على بعض منثورا ومنظوما، وغير ذلك في (كتاب فنون المعارف وما جرى في الدهور السوالف) وفي كتاب (الاستذكار لما جرى في سالف الأعصار) وإنما نذكر في هذا الكتاب لمعا جوامع، ننبه بها على ما قدمنا ونشرف بها على ما سلف من كتبنا إذ كان مبنيا عليها وسلما اليها والأمة الثالثة: اليونانيون والروم والصقالبة والافرنجة، ومن اتصل بهم من الأمم في الجربي وهو الشمال، كانت لغتهم واحدة، ويملكهم ملك واحد والأمة الرابعة: لوبية منها مصر، وما اتصل بذلك من التيمن وهو الجنوب وأرض المغرب إلى بحر أوقيانس المحيط لغتهم واحدة، ويملكهم ملك واحد والأمة الخامسة: أجناس من الترك الخرلخية، والغز وكيماك، والطغزغز، والخزر، ويدعون بالتركية «سبير» وبالفارسية «خزران» وهم جنس من الترك حاضرة فعرف اسمهم فقيل «الخزر» وغيرهم. لغتهم واحدة، وملكهم واحد