عدة، وأشدهم شوكة، ومواقعة أبى سعيد العباس بن عمرو الغنوي، وقد جرده المعتضد للقائه من البصرة في السبخة المعروفة بافان، وأفان ماء ونخل أراد العباس نزولها، وذلك عند ارتحاله من الماء المعروف بالإعياء، فسبقه أبو سعيد الى الماء، وطول هذه السبخة سبعة أميال، وبينها وبين البصرة سبعة أيام، وهي على يومين من ساحل البحر، وهي القطيف وبين القطيف وبين البحر ميل، ولها مدينة على الساحل، يقال لها عنك وفيها يقول الراجز:
طعن غلام لم يجئك بالسمك ... ولم يعلل بخياشيم عنك
فلما توسط العباس السبخة بعث أبا سعيد فغور. ما وراء، من المياه، وكانت في أعلى السبخة، وهو طريق ضيق وأبو سعيد في سبعمائة فارس وراجل من كلاب وعقيل وبحرانيين والعباس في سبعة آلاف من الجند، ومطوعة البصرة والبحرانيين، الذين كانوا خلوا عن البحرين وغيرهم.
فأسر العباس وأتى على أكثر من كان معه ولم ينج إلا الشريد، وذلك في رجب من سنة 287.
وما كان من سريته الى صحار وهي قصبة عمان مرة بعد أخرى، ودخوله إياها عنوة وبين البحرين وعمان مسيرة عشرة أيام رمال ودهاس، وفي بعض المواضع ماء مالح، والى بلاد الفلج وهي على ثلاثة أيام من اليمامة، والى يبرين وهي من اليمامة على مثل ذلك أيضا، فأباد أهلها وكانت من أطيب بلاد الله وكثرها أهلا، وعمائر ونخلا وشجرا، فلا أنيس بها الى هذا الوقت وفيها يقول جرير
فقلت للركب إذ جد المسير بنا ... يا بعد يبرين من باب الفراديس
وسبب فتك الخادمين الصقلبيين الّذي كان أخذهما حين واقع بدر المحلى، وكان جاء من عمان في البحر لقتاله، وكان اصطنعهما فقتلاه في الحمام في ذي القعدة