وسار لؤلؤ غلام المتهشم بالناس، ولقيه القرمطى بالقادسية يوم الأربعاء لإحدى عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة من هذه السنة.
فقاتل لؤلؤ إلى أن نالته جراحات، وانكشف أصحابه عنه، وطرح نفسه بين القتلى. ودخل الكوفة في الليل مستخفيا، واستولى أبو طاهر على تلك القافلة بأسرها وكان من انقضاض الكواكب ليلة الأربعاء التي كانت الوقعة في صبيحتها ما لم ير مثله في الإسلام، والقرمطى حينئذ سائر من خفان يريد القادسية وبينهما ستة أميال.
ورجع القرمطي مستقبلا للمنهزمين من ابن سنبر الراجعين يريدون الكوفة فلقيهم بالعذيب. فاستأمنه قرة لقافلته، وبذل عنها مالا فأطلقه، ولم يعرض له، وأوقع بالباقين، فقتل وسبى، وصار إليه من صنوف الأموال والأمتعة ما لا يوقف على تحديده ولا يحاط بمبلغه.
وكانت له بعد ذلك سريتان الى الكوفة وناحية واسط في أيام الراضي أيضا لم يلق فيهما حربا أثر تأثيرا يذكر، ولم يزل مقيما بالأحساء من بلاد البحرين الى أن توفى يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة 332، وله ثمان وثلاثون سنة، لأن مولده في شهر رمضان سنة 94.
وقتل أبوه أبو سعيد الجنابي سنة 300، وله يومئذ ست سنين، وبقي العسكر تسع سنين الى أن تسلمه أبو طاهر في شهر رمضان سنة 310.
قال المسعودي: وقد أتينا فيما سلف من كتبنا على شرح هذه الحروب والوقائع وما كان من أخباره فيها وأخبار القرامطة البقلية بسواد الكوفة وغلبتهم عليها، وذلك في سنة 316، والعلة في تسميتهم البقلية، وهو اسم دياني عندهم، وكان رؤساءهم مسعود بن حريث وعيسى بن موسى بن أخت عبدان بن الربيط