هذا الشهر، وانصرفوا في آخر يوم الأربعاء، وقد أصيب عدة من الفريقين، الأكثر منهم من السرية، راجعين الى الرحبة.
وأقام صاحب البحرين بالرحبة يروّى في نزول مدينة الرملة من بلاد فلسطين أو مدينة دمشق فيما حكى، ثم عمل على الرجوع الى بلده لأمور قد ذكرناها في غير هذا الموضع من أخبارهم، فسار عن الرحبة في أول شعبان سنة 316 في البر والماء منحدرا في الفرات.
وكان مقامه بالرحبة، الى أن خرج عنها نحوا من سبعة أشهر، فنزل على هيت ثانية فقاتلهم قتلا شديدا في الماء والبر، ولم يكن معه في الاولى سفن، ثم انحدر عنهم، وسار الى ناحية الكوفة والقادسية. وامتار واجتاز بظاهر البصرة وعاد الى البحرين. وذلك في آخر المحرم وأول صفر سنة 317.
ثم سار الى مكة فدخلها يوم الاثنين لسمع خلون من ذي الحجة من هذه السنة في ستمائة فارس وتسعمائة راجل، وأميرها يومئذ محمد بن إسماعيل المعروف بابن مخلب بعد أن كان من بها من الأولياء وغيرهم من عوام الناس من الحاج وغيرهم صافوه ثم انكشفوا من بين يديه عند قتل نطيف غلام ابن حاج. وكان من شحنة مكة وممن يعول عليه وأخذ الناس السيف وعاذوا بالمسجد والبيت.
فاستحر القتل فيهم وعمهم. وقد تنوزع في عدة من قتل من الناس من أهل البلد وغيرهم من سائر الأمصار فمكثر ومقلل، فمنهم من يقول ثلاثين الفا ومنهم من يقول دون ذلك وأكثر. وكل ذلك ظن وحسبان إذ كان لا يضبط وهلك في بطون الأودية ورءوس الجبال والبراري عطشا وضرا ما لا يدركه الإحصاء واقتلع باب البيت الحرام.
وكان مصفحا بالذهب وأخذ جميع ما كان من البيت من المحاريب الفضة والجزع وغيره ومعاليق وما يزين به البيت من مناصق ذهب وانازيرات ذهب