شعوبها وأوديتها، فيكون منها العيون الغزيرة ليعتصم بها الحيوان ويتخذها مأوى ومسكنا، ولتكون مقاطع ومعاقل وحواجز بين الأرضين من غلبة مياه الامطار عليها وما لا يحصيه الا خالقها قال المسعودي: وقد تختلف قوى الأرضين وفعلها في الأبدان لثلاثة أسباب كمية المياه التي فيها وكمية الأشجار ومقدار ارتفاعها وانخفاضها، فالأرض التي فيها مياه كثيرة ترطب الأبدان والأرض العادمة للمياه تجففها. واما اختلاف قوتها من قبل الأشجار فان الأرض الكثيرة الأشجار، الأشجار التي فيها تقوم لها مقام السترة فبهذا السبب تسخن. والأرض المكشوفة من الأشجار العادمة لها حالها عكس حال الأرض الكثيرة الأشجار واما اختلاف قواها من قبل مقدار علوها وانخفاضها، فلان الأرض العالية المشرفة فسيحة باردة والأرض المنخفضة العميقة حارة ومدة. ومنهم من رأى ان أصناف اختلاف البلدان اربعة أولها النواحي والثاني الارتفاع والانخفاض والثالث مجاورة الجبال والبحار لها والرابع طبيعة تربة الأرض وذلك ان ارتفاعها يجعلها أبرد وانخفاضها يجعلها اسخن على ما قدمنا. واما اختلافها من جهة مجاورة الجبال لها فمتى كان الجبل من البلد من ناحية الجنوب جعله أبرد لانه يكون سبب امتناع الريح الجنوبية، وانما تهب فيه الشمالية فقط. ومتى ما كان الجبل من البلد من ناحية الشمال جعله اسخن لامتناع هبوب الرياح الشمالية فيه، واما اختلافها لمجاورة البحار لها فمتى كان البحر من البلد في ناحية الجنوب كان ذلك البلد اسخن وأرطب، وان كان من البلد في ناحية الشمال كان ذلك البلد أبرد وايبس. وأما اختلافها بحسب طبيعة تربتها فمتى كانت تربة الأرض صخرية جعلت ذلك البلد أبرد وأجف، وان كانت تربة البلد جصية جعلته أسخن وأجف، وان كانت طينية جعلته أبرد وأرطب