بهم، والانفراد عن مدينة السلام، فخرج في آخر سنة 220 الى ناحية القاطول، فنزل قصرا كان للرشيد هنالك، وهمّ أن يبنى في ذلك الموضع مدينة، ثم بدا له ولم يزل ينتقل في تلك النواحي حتى وقع اختياره على موضع سامرا، وهو في بلاد كورة الطيرهان، فابتدأ ببنائها في سنة 221، وسماها سرمن رأى، وكملت في أسرع مدة وعظمت عمائرها، واتصلت أسواقها وقصورها، ونقلت اليها الدواوين والعمال وبيوت الأموال، وقصدها الناس لنزول الخليفة بها وطيبها وحسن موقعها وعمارتها وصنوف مكاسبهم.
وقد ذكر أنها كانت قديمة مسماة بهذا الاسم، سميت بسام بن نوح، وأنها كانت آهلة عظيمة عامرة، فلم تزل تتناقص على مر الزمان وكان آخر خرابها في أيام فتنة الأمين والمأمون، وأن موضع قصر المعتصم، كان ديرا للنصارى وأراضى، فابتاعها منهم، وسرمن رأى آخر المدن العظيمة، التي أحدثت في الإسلام، وهي سبع ونحن ذاكروها في هذا الموضع لما تقتضيه الحال من ذكرها وحسن موقعها عند جمعها واتصال نظمها.
فالأولى منها البصرة، وكان تمصير عتبة بن غزوان أحد بنى مازن بن منصور إخوة سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر البصرة في المحرم سنة 17 للهجرة، وبنى مسجدها.
ومن الناس من يرى أنها مصرت في أحد شهري ربيع سنة 16، وأن عتبة ابن غزوان، إنما خرج إليها من المدائن بعد فراغ سعد بن أبى وقاص من حرب الفرس بجلولاء الوقيعة، وأن عتبة قدم البصرة وهي يومئذ تدعى أرض الهند فيها أحجار بيض فنزل موضع الخريبة وذهب أبو مخنف لوط بن يحيى الغامدي، وأبو الحسن على بن محمد المدائني والهيثم بن عدي وغيرهم، إلى أن نزول عتبة بن غزوان موضع البصرة كان في