وبويع أبو جعفر المنصور عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن العباس وأمه سلامة ابنة بشير، مولدة البصرة، وقيل بربرية- في اليوم الّذي توفى فيه السفاح، وقتل أبا مسلّم القائم بدولتهم، والمنتقم لهم من عدوهم برومية المدائن في شعبان سنة 137 وكان ظهور محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب بالمدينة لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة 145 وبايعه خلق كثير من الحاضرة والبادية، وتسمى بالمهديّ، فوجه اليه المنصور عيسى بن موسى في أربعة آلاف فالتقوا بظاهر المدينة فقتل محمد في عدة ممن كان معه، وذلك في شهر رمضان من هذه السنة.
وكان ظهور أخيه إبراهيم بالبصرة مستهل شهر رمضان، فغلب عليها وعلى الأهواز، وواسط، وكسكر، وعظمت جموعه، وسار يريد الكوفة فوجه المنصور عيسى بن موسى في العساكر، فالتقوا بباخمرى على ستة عشر فرسخا من الكوفة يوم الاثنين لأربع بقين من ذي القعدة، من هذه السنة أيضا فقتل إبراهيم في جمع كثيف ممن كان معه، وانهزم الباقون وبعقب قتل محمد وإبراهيم لقب بالمنصور وكانت وفاة المنصور ببئر ميمون على أميال من مكة يوم السبت لست ليال خلون من ذي الحجة سنة 158 وله ثلاث وستون سنة، ودفن بالحرم، وكانت خلافته احدى وعشرين سنة، واحد عشر شهرا، وعشرين يوما وكان طويلا، أسمر، نحيفا، خفيف العارضين يخضب بالسواد، محنك السن، حازم الرأى، قد عركته الدهور، وحلت الأيام سطوته، وروى العلم