فظفر بعبد الله أيام أبى العباس السفاح فأودع السجن، فلم يزل فيه بقية أيام أبى العباس وأيام المنصور والمهدي والهادي، فأخرجه الرشيد، وهو شيخ ضرير، فسأله عن خبره. فقال: يا أمير المؤمنين، حبست غلاما بصيرا، وأخرجت شيخا ضريرا، فقيل إنه هلك في أيام الرشيد وقيل بل في يام الأمين.
كان عامل افريقية لمروان عبد الرحمن بن حبيب الفهري، وكان كاتب مروان وهو بمصر ورغبه في المصير اليه وذكر له كثرة جنوده وعدده ومنعة بلاده ثم تعقب الرأى فعلم أن مروان إن قدم صار كأحد أتباعه وجنوده وأن من وراءه المسودة يتبعونه، فكتب الى مروان يعرفه كراهية من قبله من الجنود لذلك فعوجل، فقطع النيل ومضى الى الصعيد فقتل هناك، وقيل إن كتاب عبد الرحمن الّذي يستدعيه فيه جاءه، وقد قطع النيل الى الجانب الغربي لمعاجلة المسودة إياه، ودخولهم فسطاط مصر، فمضى الى بوصير الأشمونين من صعيد مصر ليصير الى افريقية على طريق الواحات، فبادرته المسودة بالعبور اليه والبيات فقتل، وإن عبد الرحمن لم يكتب اليه كتابا بثبطه فيه عن المسير اليه.
وقدم على عبد الرحمن بن حبيب بعد قتله جماعة من بنى أمية يرجون الأمر في بلاده منهم عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان، ولؤيّ، والعاص ابنا الوليد بن يزيد فبلغ عبد الرحمن عن ابني الوليد شيء أنكره، ففتك بهما فاشتد خوف عبد الرحمن بن معاوية منه فهرب وقطع المجاز الّذي بين إفريقية والأندلس، الآخذ من بحر أوقيانس المحيط الى بحر الرومي وصار اليها وعاملها يوسف بن عبد الرحمن الفهري وقد عظم الخطب من العصبية بين من بها من اليمانية والنزارية، ودامت عدة سنين، فطمع في الغلبة عليها، وكاتب اليمانية ودعاهم الى نفسه، وسير بدرا مولاه