وبويع الوليد بن عبد الملك بن مروان، ويكنى أبا العباس وأمه ولادة ابنة العباس بن جزء بن الحارث العبسيّ بدمشق في اليوم الّذي توفى فيه عبد الملك، وتوفى بها للنصف من جمادى الآخرة سنة 96، وهو ابن ثلاث وأربعين سنة ودفن بها. وكانت مدته تسع سنين وثمانية أشهر وخمسة أيام، وكان طويلا أسمر أفطس به أثر جدري، بمقدم لحيته شيب لم يغيره، وكان لحانة، شديد السطوة لا يتوقف عند الغضب، ولا ينظر في عاقبة، ولا يكلم عند سطوته، تهون عليه الدماء وكتب له عبد الله بن هلال الثقفي، وصالح بن عبد الرحمن مولى بنى مرة بن عبيد، وانقعقاع بن خليد العبسيّ، وسليمان بن سعد الخشنيّ، وكان نقش خاتمه «يا وليد إنك ميت» وقاضية أبو بكر محمد بن حزم، وحاجبه يزيد مولاه.
قال المسعودي: وكانت وفاة الحجاج بن يوسف بن أبى عقيل عامله وعامل أبيه على العراق بواسط العراق في شهر رمضان سنة 95 قبل وفاة الوليد بتسعة أشهر، وكانت ولايته العراق عشرين سنة. وترك في بيت المال مائة ألف ألف وبضعة عشر ألف ألف درهم، وتولى العراق وخراجها مائة ألف ألف درهم، فلم يزل بعنته وسوء سياسته حتى صار خراجها خمسة وعشرين ألف ألف درهم، ونظرت هند ابنة أسماء بن خارجة الفزاري الى الحجاج مسجى، وكانت امرأته فطلقها فقالت:
ألا يا أيها الجسد المسجى ... لقد قرت بمصرعك العيون
وكنت قرين شيطان رجيم ... فلما مت سلمك القرين
وكان عدة من قتله الحجاج صبرا سوى من قتل في زحوفه وحروبه مائة ألف وعشرين ألفا، منهم سعيد بن جبير صاحب عبد الله بن العباس، ويكنى أبا عبد الله