في ثلاثة عشرة ألفا من اليمن من كلب وسواهم، وأكثرها رجالة، وفي ذلك اليوم يقول مروان:
لما رأيت الناس مالوا جنبا ... والملك لا يؤخذ إلا غصبا
أعددت غسان لهم وكلبا ... والسكسكيين رجالا غلبا
وطيِّئا يأبون إلا ضربا ... والقين تمشى في الحديد نكبا
ومن تنوخ مشمخرا صعبا ... بالأعوجيات يثبن وثبا
وإن دنت قيس فقل لا قربا
فالتقوا بمرج راهط، فاقتتلوا قتالا شديدا، فقتل الضحاك في جمع كثير من القيسية، وانهزم الباقون، وقيل إنهم أقاموا بالمرج عشرين يوما يقتتلون في كل يوم، والحرب بينهم سجال. وان مروان كادهم، ودعاهم إلى الموادعة والصلح، فلما اطمأنوا الى ذلك شد عليهم وهم غارون على غير عدة ولا أهبة، فكان ذلك سبب هزيمتهم، فكانت هذه الوقعة سبب رد ملك بنى أمية، وقد كان زال عنهم الى بنى أسد بن عبد العزى. ولذلك رأى قوم أن مروان أول من أخذ الخلافة بالسيف، وهذه الوقعة من الوقائع المشهورة والأيام المذكورة، واليمانية تفتخر بها على النزارية، وقد أكثرت شعراؤها الافتخار بذلك، قال عمرو بن مخلاة الحمار الكلبي:
شفى النفس قتلى لم توسد خدودها ... تلم بها طلس الذئاب وسودها
بأيدي كماة في الحروب مساعر ... على ضامرات ما تجف لبودها
أبحنا حمى الحيين قيس براهط ... وولت شذاذا واستبيح شريدها
وقال أيضا:
رددنا لمروان الخلافة بعد ما ... جرى للزبيريين كل بريد
فالا يكن منا الخليفة نفسه ... فما نالها إلا ونحن شهور