عليه من أموالهم وأرضهم، ووجه إليهم عماله لتعريفهم شرائع الإسلام، وقبض صدقاتهم، وجزية من أقام على دين النصرانية والمجوسية واليهودية منهم وقدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمال البحرين، وهو ثمانون ألف درهم، وجه به العلاء بن عبد الله بن ضماد الحضرميّ، وكان حليفا لبني أمية وهو أول مال حمل إلى المدينة ففرقه على الناس، وقدمت وفود العرب عليه من كل وجه من معد واليمن، وكانت تتربص بإسلامها فلما فتح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكة ودانت له قريش، انقادت له العرب الى الإسلام وقدم وفد بنى حنيفة بن لجيم بن صعب بن على بن بكر بن وائل من اليمامة فيمن قدم من الوفود، وفيهم مسيلمة الكذاب بن ثمامة بن كثير بن حبيب بن الحارث بن عبد الحارث بن عدي بن حنيفة، ويكنى أبا ثمامة، وبنو حنيفة يسترونه بالثياب فلما رجعوا أظهر مسيلمة أمره بادعائه النبوة.
وصار اليه في هذه السنة السيد والعاقب وافدا أهل نجران يسألانه الصلح، فصالحهما عن أهل نجران على ألفى حلة في السنة وغير ذلك.
ثم خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حاجا لخمس بقين من ذي القعدة، وقد ساق معه الهدى ستين بدنة، وقيل أكثر من ذلك وأقل، فلما صار بالموضع المعروف بسرف، أمر الناس أن يحلوا بعمرة إلا من ساق الهدى، ودخل مكة وقدم على بن أبى طالب من نجران اليمن مهلا بالحج، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: بأي شيء أهللت؟ قال قلت: حين أحرمت اللَّهمّ إني أهل بما أهل به عبدك ورسولك، فقال له هل معك من هدى؟ قال: لا، فأشركه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في هديه، وثبت على إحرامه مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى فرغا من الحج.