فتح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكة عنوة فخلى بين المهاجرين وأرضهم ودورهم بمكة ولم يجعلها فيئا واحتجوا بقول النبي صلّى الله عليه وسلّم ألا إن الله حبس الفيل عن مكة وسلط عليهم رسوله والمؤمنين ألا انها لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي وبقوله أترون أوباش قريش أنى لقيتموهم فاحصدوهم حصدا وأمره بقتل ابن خطل وعبد الله بن سعد بن أبى سرح ومقيس بن حبابة وغيرهم، وغير ذلك من الحجاج فقال أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ وموافقته: لم يدخلها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عنوة وانما دخلها صلحا، وقد تقدم لهم أمان بقوله من دخل داره فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن، ودليل قول الله عز وجل:

وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ من بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ 48: 24.

وقد روي ان هذه الآية نزلت في غزوة الحديبيّة كذلك حدثنا ابو جعفر محمد بن جرير الطبري عن بشر بن معاذ عن يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة وذهب أبو عبد الله مالك بن أنس الأصبحي من ذي أصبح بن مالك من حمير وغيره من أهل المدينة إلى مثل ذلك فإنهم لما أومنوا على أنفسهم كانت أموالهم تبعا لهم، وقال آخرون منهم ابو عبيد القاسم بن سلام افتتح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكة ومن على أهلها فردها عليهم ولم يقسمها ولا جعلها فيئا وغير ذلك من الحجاج، وأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقتل عدة، منهم عبد الله بن سعد بن أبى سرح بن حبيب بن جذيمة بن نصر بن مالك بن حسل ابن عامر بن لؤيّ وكان أخا عثمان بن عفان لأمه وأحد من كتب الوحي فارتد مشركا ولحق بمكة، فلما أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بقتله أخفاه عثمان ثم أتى به النبي صلّى الله عليه وسلّم سائلا فيه فصمت النبي صلّى الله عليه وسلّم طويلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015