الأربع التي ينقسم الفلك عليها بعد واحد، ومن مركزها إلى كل نقطة تسعون درجة، وقطر الدائرة مائة وثمانون درجة وهي تنقسم في نفسها مثل هذه الأربع نقط من الشمال والجنوب والمشرق والمغرب، إلا أنها غير ذات نسبة من الفلك كما أن الفلك لا نسبة له من الدائرة والجرم الّذي من نهاية حضيض فلك القمر إلى نهاية العالم في العلو طبيعة خامسة ليست بحارة ولا باردة ولا رطبة ولا يابسة ولا مركبة من شيء من هذه الطبائع الأربع. وهذا الجسم هو الجسم الفلكي، ونهايته مما يلينا أعنى كصورة باطن كرة والعناصر أربعة نار وهواء وماء وأرض، فاثنان من هذه العناصر حاران وهما النار والهواء، وهما يتحركان بطبعهما صعدا إلا أن أسبقهما إلى العلو النار، فهي طافية على الهواء، والنار يابسة والهواء رطب واثنان باردان وهما الماء والأرض وهما يتحركان بطبعهما سفلا عند حركتهما، إلا أن أسبقهما إلى السفل الأرض، والأرض يابسة، والماء رطب.
فقد حصل بما ذكرنا أن الحرارة تفعل الحركة صعدا، وأن البرد يفعل الحركة سفلا، وأن اليبس يفعل السبق إلى الموضع الأخص بكل واحد منهما وأن الرطوبة تفعل الثقل في الحركة، فما كانت حركته صعدا سموه خفيفا، وما كانت حركته سفلا سموه ثقيلا.
وأنه لا فراغ في جرم العالم، وأن الأجسام إذا حميت احتاجت إلى مواضع أوسع من المواضع التي كانت فيها، فما تحدثه الحرارة فيها من تباعد نهاياتها عن مركزها، وأنها إذا بردت صارت بضد ذلك لأن البرد يفعل تقارب نهايات الأجسام من مركزها، فتحتاج الى مواضع أصغر من مواضعها وأن الحرارة والبرودة تتبادل المواضع فإذا كان ظاهر الأرض حارا كان