الكلدانيين- وهم السريانيون سكان العراق- في جملة الفرس الأولى لغلبتهم عليهم.
فأحببنا أن لا نخلي كتابنا هذا من ذكرهم، وإن كنا قد ذكرنا سائر الممالك التي على وجه الأرض وما أزيل منها ودثر، وما هو باق إلى هذا الوقت وأخبار ملوكهم وسياساتهم وسائر أحوالهم فيما سميناه من كتبنا على أنا نعتذر من سهو إن عرض في تصنيفنا مما لا يسلّم منه من لحقته غفلة الانسانية، وسهوة البشرية، ثم ما دفعنا اليه من طول الغربة وبعد الدار، وتواتر الاسفار طورا مشرقين وطورا مغربين كما قال أبو تمام
خليفة الخضر من يربع على وطن ... في بلدة فظهور العيس أوطاني
بالشأم قومي وبغداد الهوى وأنا ... بالرقتين وبالفسطاط إخواني
وكقوله أيضا
فغربت حتى لم أجد ذكر مشرق ... وشرقت حتى قد نسيت المغاربا
خطوب إذا لاقيتهن رددنني ... جريحا كأنى قد لقيت الكتائبا
ونحن آخذون فيما به وعدنا، وله قصدنا. وباللَّه نستعين، وإياه نسأل التوفيق والتسديد.
فلنبدأ بذكر الفلك الّذي نبهنا الله سبحانه عليه، وأشار في نص الكتاب اليه لما فيه من عجائب حكمته ولطائف قدرته وخصائص التدبير وبدائع التركيب التي