ولاية القضاء فرضٌ على الكفاية، فإن لم (?) يكن من يصلح إلا واحد تعيّن عليه ويلزمه طلبه، فإن امتنع جُبر عليه، وإن كان هناك غيره كُره أن يتعرّض له إلا أن يكون محتاجًا فلا يكره لطلب الكفاية، أو خاملًا فلا يكره لنشر العلم.
ويجوز أن يكون في البلد قاضيان وأكثر، وينظر كل واحد منهما في موضع.
ولا يصحّ القضاء إلا بتولية الإمام أو من فوّض إليه الإمام، فإن تحاكم رجلان إلى رجلٍ يصلح للقضاء فحكّماه في مالٍ ففيه قولان: أحدهما: أنه لا يلزم ذلك الحكم إلا أن يتراضيا به بعد الحكم. والثاني: يلزم بنفس الحكم، فإن رجع فيه أحدهما قبل أن يحكم فقد قيل: يجوز. وقيل: لا يجوز.
وإن تحاكما إليه في النكاح واللعان والقصاص وحدِّ القذف فقد قيل: لا يجوز. وقيل: على قولين.
وينبغي أن يكون القاضي ذكرًا، حرًّا، بالغًا، عاقلًا، عدلًا، عالمًا، مجتهدًا. وقيل: يجوز أن يكون أميًّا. وقيل: لا يجوز. والأفضل أن يكون شديدًا من غير عنف، ليِّنًا من غير ضعف.
وإذا ولّى الإمام رجلًا كَتَبَ له العهد، ووصّاه بتقوى الله عز وجل والعملِ بما في العهد، وأشهد التوليةَ شاهديْن. وقيل: إن كان البلد قريبًا بحيث يتصل الخبر به لم يلزمه الإشهاد.
ويسأل (?) القاضي عن حال البلد ومن فيه من الفقهاء والأمناء قبل دخوله.
ويستحبّ أن يدخل صبيحة (?) يوم الاثنين، فإن فاته دخله السبت أو الخميس (?).
وينزل في وسط البلد، ويجمع الناس، ويقرأ عليهم العهد، ويتسلّم المحاضر والسجلّات من القاضي الذي