الناس إلى الواقف، ولا يصح الوقف إلا بالقول, وألفاظه: وقفت، وحبّست، وسبّلت، وفي قوله: حرّمت، وأبدّت وجهان، وإن قال تصدقت لم يصح الوقف حتى ينويه أو يقرن به ما يدل عليه؛ كقوله: صدقة محرمة، أو مؤبدة، أو صدقة لا تباع، وما أشبهها.
وإذا صح الوقف لزم، فإن شرط فيه الخيار أو شرط أن يبيعه متى شاء بطل، ولا يجوز أن يعلّق ابتداءه على شرط، فإن علّقه على شرط بطل، وإن علّق انتهاءه -بأن قال: وقفت هذا إلى سنة- بطل في أحد القولين، ويصح في الآخر، ويصرف بعد السنة إلى أقرب الناس إلى الواقف، وينتقل الملك في الرقبة بالوقف عن الواقف في ظاهر المذهب؛ فقد قيل: ينتقل إلى الله تعالى, وقيل: إلى الموقوف عليه. وقيل: فيه قولان.
ويملك الموقوف عليه غلة الوقف ومنفعته وصوفه ولبنه، فإن كان جارية لم يملك وطئها، وفي التزويج أوجه: أحدها: لا يجوز بحال. والثاني يجوز للموقوف عليه. والثالث: يجوز للحاكم، فإن وطئت أخذ الموقوف عليه المهر، وإن أتت بولد فقد قيل: يملكه الموقوف عليه ملكا يملك التصرف فيه بالبيع وغيره, وقيل: هو وقف كالأم، وإن أتلف اشترى بقيمته ما يقوم مقامه. وقيل: إن قلنا: إنه للموقوف عليه فهي له، وإن قلنا: إنه لله تعالى اشترى بها ما يقوم مقامه، وإن جنى خطأ وقلنا: هو له؛ فالإرش عليه، وإن قلنا: لله تعالى؛ فقد قيل: في ملك الواقف. وقيل: في بيت المال. وقيل: في كسبه، وينظر في الوقف من شرطه الواقف؛ فإن شرط النظر لنفسه جاز، وإن لم يشرط نظر فيه الموقوف عليه في أحد القولين، والحاكم في القول الآخر.
ولا يتصرف الناظر فيه إلا على وجه النظر والاحتياط، فإن احتاج إلى نفقة أنفق عليه من حيث شرط الواقف، فإن لم يشرط أنفق عليه من الغلة، ويصرف الباقي إلى الموقوف عليه.
والمستحب أن لا يؤجر الوقف أكثر من ثلاث سنين، فإن مات الموقوف عليه في أثناء المدة انفسخت الإجارة. وقيل: لا تنفسخ، ويصرف أجرة ما مضى إلى البطن الأول، وما بقي إلى البطن الثاني، ويصرف الغلة على شرط الواقف والتقديم والتأخير والجمع والترتيب وإخراج من شاء بصفة واحدة وإدخاله بصفة، فإن وقف على الفقراء جاز أن يصرف إلى ثلاثة منهم، وإن وقف