لا يصحّ الرهن إلا من مطلق التصرف، ولا يصحّ على دينٍ لم يجب ولم يوجد سبب وجوبه؛ مثل أن يرهنه على أن يُقرضه غدًا، ولا يصحّ إلا بدين لازم؛ كثمن المبيع، ودين السلم، وأرش الجناية- أو يؤول إلى اللزوم -كثمن المبيع- بشرط الخيار، فأمّا ما لا يلزم بحال -كمال الكتابة- فلا يجوز الرهن به، ولا يصحّ إلا بالإيجاب والقبول، ولا يلزم إلا بالقبض، فإن اتفقا على أن يكون في يد المرتهن جاز، وإن اتفقا على أن يكون عند عدلٍ جاز، فإن تشاحا سلّمه الحاكم إلى عدل.
وكل عين جاز بيعها جاز رهنها. وقيل: إن المُدبّر لا يجوز رهنه. وقيل: يجوز. وقيل: على قولين.
والمعتق بصفة تتقدم على حلول الحق لا يجوز رهنه. وقيل: فيه قول آخر؛ أنه يجوز.
وما يسرع إليه الفساد لا يصحّ رهنه بدين مؤجل في أصح القولين، ويصحّ في الآخر.
وما لا يجوز بيعه لا يجوز رهنه، وما لا يجوز في البيع من الغرر لا يجوز في الرهن.
وإن رهن المبيع قبل القبض جاز، وإن رهنه بثمنه لم يجز.
وإن رهن الثمرة قبل بدوّ الصلاح من غير شرط القطع جاز في أصح القولين.
وإن رهن نخلا وعليه ثمرة غير مؤبّرة لم تدخل الثمرة في الرهن في أصح القولين، وتدخل في الآخر.
وإن شرط في الرهن شرطًا ينافي مقتضى الرهن؛ فإن كان ينفع الراهن بطل الرهن، وإن كان ينفع المرتهن ففيه قولان: أصحهما: أنه يبطل. وإن شرط الرهن في بيع، فامتنع من الإقباض، أو قبضه ثم وجد به عيبًا؛ ثبت له الخيار في فسخ البيع. فإن شرط في البيع رهنًا فاسدًا بطل البيع في أحد القولين دون الآخر.
ولا ينفكّ من الرهن شيء حتى يقضي جميع الدين.
ولا يتصرف الراهن في الرهن بما يبطل به حق المرتهن؛ كالبيع، والهبة، ولا بما ينقص قيمة الرهن؛ كلبس الثوب، وتزويج الأمة ووطئها إن كانت ممن تحبل، وإن كانت ممن لا تحبل جاز له وطؤها. وقيل: لا يجوز.
ويجوز أن ينتفع بها فيما لا ضرر فيه على المرتهن؛ كالركوب، والاستخدام.
وله أن يُعير ويؤجّر إن كانت مدة الإجارة دون محل الدين.
وإن رهنه بدين آخر عند المرتهن ففيه قولان: أصحهما: أنه لا يجوز، فإن أعتقه ففيه ثلاثة أقوال: أحدها: يعتق. والثاني: لا يعتق. والثالث: إن