طاب لكم من النساء}، وقوله تعالى: {وأحل لكم ما وراء ذلكم}، وعلى قوله: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم} أولى من العكس؛ فإنَّ ذلك العموم مخصوص غير محفوظ فتطرق الخصوص إليه أولى من إخلاء هذه الآية الكريمة مما دلت عليه بمفهومها دلالة واضحة، ولم يعارضها ما يدل على خلافها صريحًا، مع أنَّ الحكم الذي دلت عليه يناسب كمال الشريعة المطهرة. وهو أن لا يرق ولده وهو يقدر على حريته.
وما قاله المصنف من أنَّه فيه امتناع عن تحصيل الجزء الحر، لا إرقاقة ممنوع، فإنَّه إذا استولد أمة الغير بالنكاح وهو يقدر على نكاح الحرة، فقد أرق جزءه من غير ضرورة، وإن كان إرقاقه حكمًا شرعيًا ليس إليه، فهو الذي تسبَّب فيه، وهو إتلاف معنوي كما في القتل، فإن المقتول وإن كان قد مات بأجله فالقاتل هو الذي تسبَّب في إعدامه الحياة وذلك لا يحل له، فكذلك هذا/.
وقوله: (وله أن لا يحصّل الأصل فيكون له أن لا يحصل الوصف) فيه نظر؛ فإنّ الإنسان يختار أن لا يكون له ولد على أن يكون ولده رقيقًا يباع ويشترى كالبهائم، كما يختار أن لا يكون له ولد على وجود ولد معطل المنافع؛ فإن كل منفعة تفوت ينزل منزلة الهلاك؛ ولهذا وجبت دية النفس كلها في إتلاف اليدين أو الرجلين، أو السمع، أو البصر، أو غير ذلك من الأعضاء