وأيضًا فقد روى النسائي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اغسلوا المحرم في ثوبيه الذي أحرم فيهما، واغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبه، ولا تمسوه بطيب، ولا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة محرمًا)) وهذا اللفظ يعم كل محرم، وأيضًا فإن هذا الحديث موافق لأصول الشرع، والحكم التي رتب عليها المعاد؛ فإن العبد يبعث على ما مات عليه، ومن مات على حالة بعث عليها، ولا ينافيه قوله -عليه الصلاة السلام-: ((إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة أشياء ...)) الحديث. فإن المراد أنه امتنع عليه أن يحدث له عمل بعد موته، لا أن ما عمله يبطل بموته حملًا للمصدر على معناه الذي هو الحدث، لا أن يكون المراد به خلاف معناه وهو المفعول فإن المصدر وإن كان قد يطلق ويراد به المفعول كالخلق بمعنى المخلوق ونحوه، ولكن أصل معناه أنه اسم للحدث، فالمراد بالعمل في قوله: ((انقطع عمله)): أن يعمل، لا معموله. فإنه إن كان على عمل أهل الجنة عند الموت دخل الجنة، وإن كان على عمل أهل النار عند الموت دخل النار، والأعمال بالخواتيم، كما قال -عليه الصلاة والسلام-: ((إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها))، وقال في عكسه كذلك.
يؤيد هذا ما روى عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من خرج مجاهدًا فمات كتب له أجره إلى يوم القيامة، ومن خرج حاجًا فمات كتب الله له