فأما الأعيان فقد تقدم في كتاب الهبة التنبيه على ضعف القول بجواز الرجوع في الهبة.
وأما المنافع: فذهب مالك رحمه الله إلى القول بلزوم التوقيت في العارية إذا وقتت وهو قول في غاية القوة، قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} وقال تعالى: {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم} وقال تعالى: {والموفون بعهدهم إذا عاهدوا} وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "المؤمنون عند شروطهم" وكونه عقد تبرع لا يمنع أن يلزم بالالتزام كالنذر بل بالشرع في الفعل على ما هو المعروف من المذهب مع أن التمليك بغير بدل والتمليك ببدل كل منهما يوجب الملك الكامل، وقد تقدم في كتاب الهبة، التنبيه على ما في جواز الرجوع في الهبة من الإشكال، والقول بضعف الملك بغير بدل مجرد دعوى، وكذلك القول بأنه أقل من التمليك بعوض، وذكر ذلك من باب التهويل.
وأما قوله: والوصية تبرع غير لازم إلا أن الرجوع للمتربع لا لغيره، والمتبرع بعد الموت لا يمكنه الرجوع، فلهذا انقطع، أما هو في وضعه غير لازم.