إن أول المدة في حين وجوب الدية، وقولهم أقوى، فإنه مال وجب مؤجلاً فكان ابتداء أجله من حين وجوبه كالدين المؤجل والسلم، وقوله: لأن الواجب الأصلي المثل. ممنوع، بل الواجب الأصلي المال لقوله تعالى: {ومن قتل مؤمنًا خطئًا فتحرير رقبةٍ مؤمنةٍ وديةٌ مسلمةٌ إلى أهله} الآية، فجعل جزاء القتل الخطأ الكفارة والدية، ولهذا وجبت على غير الجاني؛ لأنه معذور، وإنما يكون الواجب الأصلي المثل على خلاف فيه فيما إذا سقط القصاص لشبهة، وإن كان مراده أن الموجب الأصلي على مقتضى القياس المثل ممنوع أيضًا؛ لأنه ليس مقتضى القياس الصحيح وذلك لأن الموجود من القاتل خطأ جناية عن غير قصد، فلو قوبل بقتل مقصود لكان في ذلك زيادة على المثل، وما ورد به الشرع هو مقتضى الصحيح.
وقوله: والتحول إلى القيمة بالقضاء؛ ممنوع أيضًا؛ لأن الدية إن لم تكن واجبة بالشرع لم يكن للقاضي الإلزام بها، وإن كان واجبة بالشرع فالقاضي يلزم بما وجب بالشرع، وهذا هو الحق؛ فإن القاضي ليس بمشرع، وقد تقدم التنبيه على مثل هذا في مواضع.
وفي تسمية الدية قيمة نظر، ولو كانت قيمة لاختلف باختلاف الأشخاص، ودية الصحيح العالم العاقل كدية الأعمى الزمن المجنون