ما جاءتهم البينة} وقال تعالى: {قل إني على بينة من ربي}.

ونظائر ذلك في القرآن كثيرة، والمراد بالبينة: ما يبين الحق من شهود أو دلالة، فإن الشارع صلوات الله عليه يقصد ظهور الحق بما يمكن ظهوره من البنات التي هي أدلة عليه وشواهد له ولا يرد حقًا قد ظهر بدليله أبدًا، فتضيع بدليله أبدًا، فتضيع حقوق الله تعالى وحقوق عباده، بل لما ظن هذا من ظنه ضيعوا طريق الحكم فضاع كثير منه الحقوق لتوقف ثبوتها على طريق معين عندهم وصار الظالم الفاجر متمكنًا من ظلمه وفجوره ويقول: لا يقوم علي شاهدان عدلان، فضاعت حقوق كثيرة، وحينئذ أخرج الله أمر الحكم العام عن أيديهم ودخل فيه من أمر الإمارة والسياسة ما يحفظ به الحق تارة ويضيع به أخرى، ويحصل به العدوان تارة والعدل أخرى، ولو عرف ما جاء به الرسول على وجهه لكان فيه تمام المصلحة المغنية عن التفريط والعداوة وسياسة من لا يعرف الشريعة من الأمراء.

روى عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن الزهري قال: "دعاني عمر بن عبد العزيز فقال: إني أريد أن أدع القسامة، يأتي رجل من أرض كذا ورجل من أرض كذا فيحلفون قال: فقلت له: ليس ذلك لك قضى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والخلفاء بعده، وإنك إن تتركها أوشك أن يقتل عند بابك قتيل فيطل دمه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015