وأعظم، والأموال تخلف وهي لا تخلف، وكونها ينتفع بها والأموال ينتفع بها لا يلزم منه أن يأخذ حكمها، والفرق بين الانتفاعين ظاهر، واعتبار الأطراف بالنفوس أظهر وأقوى من اعتبارها بالأموال فإن البعض يأخذ حكم الكل، وقوله تعالى: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص} دليل على أن حكم الأطراف حكم النفوس، ولم يعارض هذا المعنى الظاهر ما يوجب صرفه عما ظهر منه.
ولما كانت النفوس متكافئة وهي أعظم خطرٌ كان ما دون النفس أولى، وكما أن التفاوت ثابت بين أطراف الرجال وبين أطراف النساء في أمر الدية فهو ثابت بين نفوسها والتفريق بأن المتلف في النفوس إزهاق الروح ولا تفاوت فيه بخلاف الأطراف لا يقوى إذ لو كان كذلك لم يكن بين دية المرأة وبين دية الرجل تفاوت، وليس الأمر كذلك، بل دية المرأة على النصف من دية الرجل، ودية اطراف كل منهما معتبرة بدية نفسه، ولما كانت اليد الشلاء من كل منهما لا تساوي الصحيحة منه في الدية لم تقطع بها فلا يلزم من تفاوتها في ذلك تفاوت أطراف الرجل والمرأة مع اتحاد صفة الصحة والسلامة.