قوله: (ولأن المفسد هو القدح المسكر وهو حرام عندنا).
فيه نظر، فإن القدح الأخير إنما يصير مسكرًا بما تقدمه لا بانفراده بنفسه، وقد أجاب السغناقي رحمه الله عن هذا الإشكال: بأنه لما وجد السكر بشرب القدح الأخير أضيف الحكم إليه لكونه علة معنى وحكمًا، وهذا لأن المسكر ما يتصل به السكر بمنزلة المتخم من الطعام فإن تناول الطعام بقدر ما يغذيه ويقوي بدنه حلال، وما يتخمه وهو الأكل فوق الشبع حرام، ثم المحرم منه هو المتخم وهو ما زاد على الشبع، وإن كان هذا لا يكون متخمًا إلا باعتبار ما تقدمه فكذلك في الشراب، إلى هذا أشار في المبسوط. انتها.
وهذا لا يصح لوجهين:
أحدهما: أنه تعليل مقابلة النص فقد ثبت -بما تقدم ذكره من السنة الصحيحة المشهورة الموضحة لما دل عليه الكتاب- التسوية بين المسكر من عصير العنب وبين المسكر من غيره فلا يقبل.
والثاني: أن الفرق بين المسكر والمتخم أن للمتخم حدً يمكن ضبطه به وهو الزيادة على الشبع، ولا حد للمسكر، ولا يدعو قليل الأكل النافع إلى الكثير المتخم بخلاف المسكر، ولما لم يكن ضبط القدر المسكر بضابط- وكان القليل