وجوابه: أن ذلك لو سلم لا يمنع من الاستدلال على تحريم قليل ما أسكر كثيرة إذ لو منع لانسد باب الاستدلال بالكتاب والسنة في مسائل النزاع، وقد قال تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} على أن القطع والظن أمر نسبي فقد يكون الحكم ظنيًا عند شخص وهو قطعي عند غيره، وإن كان لا يكفر جاحده لتأويله، بل يكون مأجورًا على اجتهاده مغفورًا له خطؤه، وهكذا الحكم في كل مسائل الخلاف.
الرابع: قوله: وإنما سمي خمرًا لتخمره لا لمخامرته العقل.
وجوابه: أن عبارات أهل اللغة في اشتقاق اسم الخمر اختلفت على ثلاثة معان متقاربة كلها موجودة لا يلزم من إثبات أحدها نفي ما عداه كما ادعاه المصنف:
أحدها: أنه من التخمر أي تركت حتى أدركت كما يقال: قد اختمر العجين أي بلغ إدراكه، واختمر الرأي أي ترك حتى يتبين فيه الوجه، والمعنى في ذلك كله: أنه قد غطى حتى أدرك غايته.
ثانيها: أنه من المخامرة وهي المخالطة لأنها تخالط العقل، مأخوذ من قولهم: دخلت في خمار الناس أي اختلطت بهم.
ثالثها: أنها سميت بذلك لأنها تخمر العقل أي تغطيه وتستره وكل شيء غطيته فقد خمرته.