والمصنف قد ذكر الاستدلال لهما قبل هذا الكلام، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قالت الأنصار للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اقسم بيننا وبين إخواننا النخل؟ قال: لا، قالوا: تكفونا العمل، ونشرككم في الثمرة، فقالوا: سمعنا وأطعنا" رواه البخاري.
واستمر الناس على العمل بالمزارعة في زمن الخلفاء الراشدين فمن بعدهم إلى يومنا هذا من غير نكير، ولا يظن بالخلفاء الراشدين أنهم فعلوا ما نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا من أقوى الأدلة على اختصاص النهي بالمزارعة التي فيها استثناء ما يخرج من بقعة معينة من الأرض المزارع عليها، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تتعارض.
الثاني: قوله: وإنه استئجار ببعض ما يخرج من عمله فيكون في معنى قفيز الطحان.
وجوابه: أنه قد تقدم التنبيه على ضعف حديث قفيز الطحان، فلا يصلح لمعارضة ما ورد من معاملة النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين من بعده رضي الله عنهم أجمعين، وإنما المزارعة بمنزلة المضاربة، قال أبو يوسف: المزارعة عندي بمنزلة المضاربة.
الثالث: قوله: ولأن الأجر مجهول أو معدوم، وكل ذلك مفسد.