اعتبار الأطراف بالأموال في جريان البذل فيها لقطع الخصومة وافتداء اليمين في غاية البعد، فإنها لا تخلف، والأموال تخلف، والألم الحاصل بقطع الطرف، وخوف سرايته إلى النفس فوق ضرر فوت المال، ولهذا كانت المصيبة في الأبدان، وليس له تصرف في لحك نفسه ودمه إلا لمصلحة المداواة لما نذكر عن قريب إن شاء الله تعالى.
ولا يصح الاستشهاد له بما لو قال له: اقطع يدي. فقطعها، حيث لا يجب الضمان، فإن ذلك لم يكن لصحة البذل حتى يقال إنه بمنزلة بذل المال فإن التفاوت الذي بين الأطراف والأموال لا يخفى، بل لأن موجب القطع العمد القصاص، والإذن شبهة مانعة من القصاص؛ لأنه قد رضي بإسقاط حقه منه بإذنه له في/ القطع ولا ينقلب مالاً لأن الشبهة جاءت من قبل من له الحق، فمنعت من وجوب المال ولهذا لم يختص ذلك بالأطراف.
بل من قال لغيره: اقتلني. ففعل، فلا قصاص ولا دية، وفي رواية، وفي أخرى تجب الدية، لتعلق حق الوارث بها، فلا يعمل إذنه في إسقاطها، وفي أخرى يجب القصاص وهو قول زفر -لتعلق حق الوارث به كما تقدم- ولا كذلك الأطراف، لأنه هو المستحق للقصاص أو الدية.
وأيضاً فإن بذل الطرف بغير حق حرام، واليمين الصادقة عبادة، وبينهما من التفاوت كما بين السماء والأرض، ولا يجوز التعويض عن