ليس هو نظير قوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة} حتى يكون إيجاب العبد معتبراً/ بإيجاب الرب، ولم يقل تعالى: خذ مالهم بل أوجب الله صدقة مجملة تؤخذ من أموالهم بينها النبي -صلى الله عليه وسلم- بخلاف نذره أن يتصدق بماله؛ لأنه يعم ماله كله، لكن بعضه مستثني لشغله بالحاجة الأصلية، وهو ما لا يحتاج إلى سؤال الناس، ولا يلزمه إخراج نظير ذلك بعد الاستغناء عنه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأمر كعباً أن يتصدق بعد ذلك بنظير ما أمسكه من ماله، ولو كان واجباً عليه لبينه له لأنه محتاج إلى معرفة ذلك، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، ففي ذلك دليل على أنه إذا أمسك بعض ماله، وتصدق بالباقي أن ذلك يجزئه ولا يلزمه بعد ذلك التصدق بنظير ما أمسكه، ويمكن أن يقال في البعض الذي يمسكه لحاجته إليه أنه مستحق بالحاجة، فلا يجوز التبرع به بمنزلة المال المستحق للغير فيصير كالنذر بما لا يملك، أو لأن ذلك القدر مستحق الصرف إلى جهة معينة شرعاً، فهو بصرفه إلى غير تلك الجهة عاصٍ، ولا نذر في معصية، أو يقال: إنه لما وجب عليه التصدق بجميع ماله فقد بقي فقيراً فيبدأ بنفسه فيتصدق عليها بقدر حاجته لأنه أحق من سائر الناس لتحقق