القاضي ألزم من شهادة الشاهد، وأقطع لأن الحاكم فيه ثلاث صفات؛ فمن جهة الإثبات هو شاهد، ومن جهة الأمر والنهي هو مفتي، ومن جهة الإلزام بذلك هو سلطان، وأيضاً فإذا شهد الفاسق عند القاضي تثبت القاضي وتبين الأمر- أي طلب ما بين له به صدقه من كذبه- ليتحقق الأمر على ما هو عليه فيقضي، فكيف يكون القاضي ممن يجب التثبت في قوله؟ وإذا كان الفاسق نفسه قاضياً فإن التثبت والتبين المأمور بهما فيما يخبر به فيقع الفساد الذي لا يرفع، والدفع أسهل من الرفع.

فالقول بعدم جواز توليته أقوى في الدليل لكن إذا التبس الأمر على الإمام بعد الاجتهاد فولى فاسقاً، فإن خطأه مغفور، ولو أقدم على توليته من لا يجوز له توليته، فإن هذا ذنب من الإمام يجب عليه أن يتوب منه، وتمام توبته أن يعزله، ويولي المستحق، وأما نفاذ حكمه إذا وافق الشرع؛ فلأن المراد من نصب القاضي هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيما يتعلق بمسائل القضاء، وقد حصل فلا حاجة إلى نقضه ثم إبرامه، بخلاف ما إذا لم يوافق حكم الشرع؛ لأنه لا طاعة لمخلوف في معصية الخالق، وإن كان من مسائل الخلاف، ورفع إلى من يرى خلافه،/ فإن كانت مصلحة نقضه أعظم من مصحة إبقائه نقضه، وإلا فلا، (لأنه قد صار ولي أمر المسلمين فتجب طاعته فيما أمر به من طاعة الله كما في أمر الإمام الأعظم)، (وفي النوادر: أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015